مع اقتراب موسم الحج للعام 1446هـ، تتصاعد حالة من القلق والشكوك في أوساط الحجاج اليمنيين، إثر توقيع عقد طبي مع مجمع خاص في العاصمة السعودية الرياض، يُفترض أن يتولى تقديم الرعاية الصحية لنحو 24,255 حاجًا يمنيًا، إلا أن الواقع حتى اللحظة لا يشي بأي استعدادات حقيقية على الأرض.
وبحسب نسخة من العقد حصل عليها "المشهد الخليجي"، فإن الاتفاق ينص على تشغيل 30 عيادة طبية موزعة بين مكة المكرمة والمدينة المنورة، إلى جانب عيادة مركزية مزودة بغرفة عمليات لمراقبة الحالات والتعامل مع الشكاوى، وذلك خلال الفترة من 19 ذي القعدة إلى 23 ذي الحجة من العام الجاري.
لكن مصادر مطلعة كشفت عن اختلالات خطيرة تهدد فعالية تنفيذ الاتفاق، مشيرة إلى أن المجمع الطبي المتعاقد معه لا يملك أي فروع أو منشآت في مكة أو المدينة، ما يضع علامات استفهام كبيرة حول جاهزيته لتقديم الخدمات المطلوبة في المناطق المستهدفة.
4 مواقع فقط وتصاريح غائبة
رغم أن العقد يشدد على تجهيز 15 عيادة في كل من مكة والمدينة، إلا أن التصاريح التي تم الحصول عليها فعليًا لا تتجاوز أربعة مواقع في مكة فقط، بينما لا توجد أي مراكز مرخصة حتى الآن في المدينة المنورة، وفق ما أكدته المصادر.
كما أن مصير العيادة المركزية وغرفة العمليات المتفق عليها لا يزال مجهولًا، وسط غياب أي مؤشرات ملموسة على تجهيزها أو تحديد موقعها.
كوادر يمنية... ولكن أين التصاريح؟
يشترط العقد أن تكون الكوادر الطبية والتمريضية في الغالب من الجنسية اليمنية، على أن تُرفع أسماؤهم للجهات المعنية بحد أقصى في 5 ذي القعدة. إلا أن هناك شكوكًا حول ما إذا كانت التصاريح اللازمة قد صدرت لدخول هذه الكوادر إلى مكة، ما يزيد من مخاوف تعثر الخدمات الصحية في ذروة الموسم.
أدوية "نظرية" وتكلفة تفوق المليونَيْ ريال
يتضمن العقد أيضًا قائمة مفصّلة بالأدوية والإمدادات الطبية التي ينبغي توفيرها، وتشمل مضادات حيوية، مسكنات، وأدوية طارئة أخرى، لكن المصادر تشير إلى غياب أي شحنات أو مؤشرات على بدء توفير هذه الإمدادات حتى الآن.
وتبلغ القيمة الإجمالية للعقد 2,061,675 ريال سعودي، بمعدل 85 ريالاً لكل حاج، تُسدَّد على ثلاث مراحل؛ الأولى عند توقيع العقد، والثانية مع بدء موسم الحج، والثالثة بعد انتهاء الخدمات والتقييم النهائي.
سرية معلومات... ومخاوف مشروعة
يُلزم العقد الطرفين بعدم تسريب أي معلومات "حساسة"، في وقت يرى فيه مراقبون أن غياب الشفافية وعدم الجاهزية يشكلان تهديدًا فعليًا على سلامة آلاف الحجاج اليمنيين، الذين قد يجدون أنفسهم دون رعاية طبية لائقة في واحدة من أكثر الفترات ازدحامًا وخطورة من الناحية الصحية.
ويكشف هذا الملف عن خلل في التخطيط والتنفيذ قد يضع موسم الحج أمام تحديات صحية خطيرة، ما لم تُتخذ إجراءات عاجلة لتدارك التقصير وضمان الحد الأدنى من الجاهزية الطبية الموعودة.