2025/03/21
البريكس افاق اقتصادية جديدة في إطار التوسع والاحتواء

يشهد الاقتصاد العالمي تحولات كبيرة خلال العقود الأخيرة، حيث أصبحت الحاجة ملحة لإيجاد أنظمة مالية بديلة تقلل من الاعتماد على الهيمنة التقليدية للدولار الأميركي. في هذا السياق، برزت مجموعة البريكس (BRICS) ككتلة اقتصادية قوية تسعى إلى تعزيز التعاون المالي بين دولها الأعضاء وخارجها. ويعتبر تطوير أنظمة الدفع البديلة، إلى جانب الانتقال إلى التسويات بالعملات الوطنية، من الخطوات الأساسية لتعزيز التعاون المالي المستقل.
ومع تزايد المخاطر الجيوسياسية والعقوبات الاقتصادية التي تؤثر على التدفقات المالية العالمية، أصبح من الضروري تطوير أنظمة دفع بديلة توفر مزيدًا من المرونة والاستقلالية للدول الراغبة في تنويع تعاملاتها المالية. في هذا الصدد، أطلقت دول البريكس مبادرات مثل نظام الدفع الروسي "مير" (MIR) ونظام الدفع الصيني "CIPS" كبدائل محتملة لنظام "سويفت" التقليدي. اعتماد هذه الأنظمة من قبل الدول الشريكة للبريكس يمكن أن يقلل من مخاطر التعرض للقيود الغربية على المعاملات المالية.
ويعد نظام التسويات بالعملة الوطنية ورقه هامة بيد دول البريكس 
فالتجارة الدولية تعتمد بشكل كبير على الدولار الأميركي، مما يخلق تحديات للدول التي تواجه تقلبات في سعر الصرف أو ضغوطًا اقتصادية نتيجة العقوبات. لذلك، يعتبر الانتقال إلى التسويات بالعملات الوطنية بين دول البريكس والدول الشريكة خطوة استراتيجية لتعزيز الاستقلال المالي. فعلى سبيل المثال، يمكن لروسيا والصين والهند استخدام الروبل أو اليوان أو الروبية في معاملاتهم التجارية بدلاً من الدولار، مما يقلل من تكاليف التحويلات المالية ويعزز استقرار التجارة البينية.

الدولة الشريكة مفهوم جديد في البريكس:

استحدثت دول البريكس مفهوم "الدولة الشريكة" كبديل للعضوية الكاملة، مما يتيح للدول غير الأعضاء فرصة التعاون الوثيق دون الحاجة إلى الالتزامات السياسية والاقتصادية الكاملة. توفر هذه الصيغة مزايا عديدة، منها:
مرونة التعاون: يسمح هذا النموذج للدول بالاستفادة من مزايا التبادل التجاري والاستثماري مع دول البريكس دون الحاجة إلى إعادة هيكلة سياساتها الاقتصادية بالكامل.
الوصول إلى مصادر تمويل جديدة: توفر عضوية الدولة الشريكة فرصًا للاستفادة من تمويلات بنك التنمية الجديد (NDB) الذي أنشأته البريكس لدعم المشاريع التنموية.
الاستفادة من أنظمة الدفع البديلة: يمكن للدول الشريكة الانضمام إلى الأنظمة المالية التي طورتها البريكس، مثل CIPS و MIR، ما يسهل عمليات التحويل المالي والتجارة الدولية بعيدًا عن الضغوط التقليدية.


مزايا التعاون في إطار بريكس بلس
مبادرة "بريكس بلس" (BRICS+) تمثل توسعًا استراتيجيًا يهدف إلى إشراك مجموعة أوسع من الدول في أنشطة البريكس، مما يعزز من تأثيرها على الاقتصاد العالمي. يوفر هذا الشكل من التعاون العديد من المزايا:
- تعزيز التجارة والاستثمار: تتيح هذه المبادرة للدول النامية فرصًا لتوسيع أسواقها - تنويع مصادر التمويل: يمكن للدول الاستفادة من قروض واستثمارات بنك التنمية الجديد التابع للبريكس، مما يوفر بديلاً عن المؤسسات المالية التقليدية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
-    تبادل التكنولوجيا والمعرفة: يعزز التعاون في إطار "بريكس بلس" تبادل الابتكارات والتقنيات بين الدول الأعضاء والشركاء، مما يساعد في تطوير القطاعات الإنتاجية.
-    تعزيز الاستقلال الاقتصادي: يقلل الاعتماد على النظام المالي الغربي، مما يتيح للدول حرية أكبر في اتخاذ قراراتها الاقتصادية دون ضغوط خارجية.
من هنا نستطيع القول ان التعاون المالي مع دول البريكس، وخاصة من خلال استخدام أنظمة الدفع البديلة والانتقال إلى التسويات بالعملات الوطنية، يمثل خطوة حاسمة نحو تعزيز الاستقلال الاقتصادي للدول النامية. كما أن نموذج "الدولة الشريكة" وبريكس بلس" يفتحان آفاقًا جديدة للتعاون الدولي دون الحاجة إلى التزامات عضوية كاملة، مما يتيح للدول فرصًا اقتصادية ومالية أوسع. في ظل التحديات الاقتصادية والجيوسياسية الحالية، يبدو أن التعاون مع البريكس أصبح خيارًا استراتيجيًا لا غنى عنه لتحقيق التنمية المستدامة والازدهار الاقتصادي.

تم طباعة هذه الخبر من موقع المشهد الخليجي https://www.almashhadalkhaleeji.com - رابط الخبر: https://www.almashhadalkhaleeji.com/news69655.html