في وقت نجحت فيه سوريا من التطبيع مع العديد من الدول العربية والخليجية، اعتبر مراقبون أن حديث رئيس الجمهورية الجزائري عن حضور سوريا القمة العربية اتفاقا عربيا على عودة دمشق للجامعة.
وقال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، إن القمة العربية التي ستحتضنها بلاده في مارس/ آذار المقبل، يجب أن تكون جامعة وانطلاقة للم شمل العالم العربي الممزق، مشيرا إلى أن من المفروض أن تكون سوريا حاضرة.
وقبل أسابيع، السؤال بدا قال وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة، إن مشاركة سوريا في القمة العربية مرتبطة بالمشاورات معبرا عن أمله أن تسود الإيجابية هذه المشاورات وتشارك سوريا في القمة.
وأضاف الرئيس الجزائري "نحن عندما ننظم قمة عربية نريد أن تكون جامعة وانطلاقة للم شمل العالم العربي الممزق (..) نحن دولة تجمع الفرقاء دائما".
وأشار تبون إلى أن قمة الجزائر القادمة ستشهد إعادة طرح ملف إصلاح جامعة الدول العربية دون تقديم تفاصيل أكثر حول طبيعة هذه الإصلاحات.
وأوضح أن "عدة منظمات دولية مثل الأمم المتحدة، وإقليمية مثل الاتحاد الأفريقي، تم إصلاحها داخليا باستثناء الجامعة العربية، التي بقيت على حالها منذ تأسيسها".
بدوره أكد الدكتور أسامة دنورة، المحلل السياسي والاستراتيجي السوري، أن "التطورات الأخيرة تبدو وكأنها تسير بالمنطقة باتجاه عودة سوريا للجامعة العربية، فالانفتاح الإماراتي والأردني والبحريني والعماني والمصري على سوريا أصبح مقروءاً في مناسبات ومفاصل مختلفة، وهو بلا شك يعني أن عودة سوريا باتت محققة إن كان عاجلاً أو آجلا".
وأضاف في حديثه لـ "سبوتنيك"، أنه "في المقابل تشير التصريحات الأخيرة لأمين عام جامعة الدول إلى أن هناك من يعمل على فرملة هذا التوجه من ضمن منظومة الدول العربية، وهنا لا يبدو الحديث عن رفض قطر التي تحول دورها من فاعل أساسي إلى عنصر هامشي ضمن الجامعة، بل يبدو أن السعودية هي التي يمكن أن تلعب اليوم دوراً أساسياً في تغليب كفة العودة أو التأجيل".
ويرى أن "حجم الأزمات التي تنخرط فيها المملكة على الصعيدين العربي والإقليمي يجعلها ترغب في الاحتفاظ ببعض الأوراق لمقايضتها ضمن سيناريو إقليمي لفض الاشتباك الاستراتيجي في المنطقة، أو الحد من مفاعيله وتبريد بعض ساحاته على أقل تقدير، فالحرب في اليمن والأزمة الأخيرة مع لبنان والوضع في العراق والبرنامج النووي الإيراني جميعها ملفات ضاغطة تثقل كاهل المملكة سياسياً وعسكرياً ومالياً، وهي تبدو اليوم بحاجة ماسة لتقوية أوراقها تحضيراً لموسم التفاوض على شروط فض الاشتباك".
وتابع: "حيث يوحي موسم المفاوضات الجديد، الذي يوشك على الانطلاق بين مجموعة 4+1 وايران، وموسم المحادثات السعودية - الإيرانية المستمرة، بأن هناك أوراقا يتم إدخارها لاستخدامها في الوقت المناسب، وهو الأمر الذي يُعتبر من قبل كثيرين على أنه استراتيجية تفاوضية غير فعالة كونها تضع العربة أمام الحصان، فعودة سوريا إلى شغل مقعدها الفارغ في الجامعة، وعودتها للتواصل السياسي والطبيعي مع السعودية وسائر الدول العربية هو التحول الذي سيكون من شأنه استعادة التوازن إلى المنظومة الرسمية العربية، وإيجاد المقدمات الضرورية للحلول القائمة على مبدأ رابح - رابح، بدلاً من المراوحة حول استمرار صراعات لا نهاية لها وفق وضعية "لا غالب ولا مغلوب".