كشفت تقارير اخبارية، اليوم الخميس، عن تعقيدات يشهدها ملف صرف مرتبات الموظفين المدنيين في المفاوضات التي تجري بين السعودية من جهة وميليشيا ايران في اليمن من جهة أخرى برعاية سلطنة عمان.
ونقلت صحيفة "العربي الجديد" الصادرة في لندن عن مصادر مطلعة لم تسمها القول إن "هناك تعقيدات تعرقل حلحلة ملف صرف رواتب الموظفين المدنيين في المفاوضات غير المعلنة التي ترعاها سلطنة عمان".
وأوضحت المصادر أن التعقيدات "تتركز في طريقة صرف رواتب الموظفين والجهة التي ستشرف على إدارة عملية الصرف والذي يتطلب إعادة توحيد المؤسسات النقدية والمالية المنقسمة بين طرفي الصراع: الحكومة المعترف بها دولياً والحوثيين".
وأشارت المصادر إلى أن ملف صرف رواتب الموظفين المدنيين يفرض تعقيدات وعراقيل واسعة أمام جهود التوصل إلى اتفاق يفضي إلى هدنة لفترة طويلة وإطار تفاوضي لإحلال السلام في البلاد التي تعيش على وقع حرب منذ العام 2015، إذ تتهم الحكومة اليمنية الحوثيين باستهداف الموانئ وإيقاف تصدير النفط والتسبب بأزمة نقدية واقتصادية تنعكس على تفاقم معيشة اليمنيين.
وفي المقابل، يبرر الحوثيون استهدافهم لهذه المنشآت في نهاية العام الماضي 2022، لحل مشكلة رواتب الموظفين المدنيين وصرفها من عائدات تصدير النفط.
ووفق "العربي الجديد"، لم يعد الموظفون المدنيون في صنعاء ومناطق شمال اليمن قادرين على تحمل سنة أخرى بدون رواتبهم المقطوعة منذ سبتمبر 2016، إذ يسود تذمر واسع في هذه المناطق مع استمرار عملية تجويعهم وتحول رواتبهم إلى أهم ورقة في الصراع وتمحوره حولها خلال الأعوام الثلاثة الماضية مع اشتداده بدرجة رئيسية وبصورة تدريجية منذ مطلع العام الحالي 2023 ووصوله حالياً إلى ذروته.
وقال الباحث الاقتصادي مراد منصور، لـ"العربي الجديد"، إن جميع الأطراف تضرب عرض الحائط بمعاناة اليمنيين وتبحث بدرجة رئيسية عن مصالحها وتحقيق أكبر قدر من المناصب والمكاسب والصفقات والعقود التجارية والاقتصادية والاستثمارية والاستيلاء على ما هو متاح أمامها من موارد مالية وعائدات وجبايات.
ويرى أن الحوثيين لا يأبهون لمعاناة الناس في مناطق سيطرتهم واستولوا على مؤسسات الدولة لاستخدامها فقط لفرض سلتهم ونفوذهم وأفكارهم، بينما لا يريدون القيام بأي واجب من مهام مؤسسات الدولة في تقديم الخدمات العامة التي تم تركها لاستثمار القطاع الخاص المحسوب بشكل أو بآخر عليهم، أو عدم صرف رواتب الموظفين بالرغم من العائدات المالية التي يتم تحصيلها من الإتاوات واستيراد النفط والغاز.
وتوجه اتهامات للحوثيين بالاستئثار بالموارد المالية التي يتم تحصيلها من عدة منافذ إيرادية في مناطق نفوذهم واقتصار إنفاقهم على المناسبات الدينية التي لا تتوقف احتفالاتهم بها طوال العام في الوقت الذي يتضور فيه المواطنون في مناطق سيطرتهم من الجوع والعوز.
ويعيش نحو 600 ألف موظف حكومي للعام السابع على التوالي في معاناة قاسية بسبب توقف مرتباتهم وانقطاع السبل بهم مع عدم وجود أي مصادر دخل أخرى، إذ يعيلون أسرا يقدر عدد أفرادها بنحو 5 ملايين فرد، واضطر كثير منهم إلى خوض غمار حياة شاقة منذ توقف الرواتب في سبتمبر في العام 2016، والخروج إلى الشوارع والأسواق للبحث عن عمل لإعالة أنفسهم وأسرهم.
يشار إلى أن فاتورة الأجور والمرتبات في اليمن، بحسب كشوفات آخر عام قبل الحرب، تبلغ حوالي 75 مليار ريال شهرياً، منها 50 مليار ريال لموظفي الخدمة المدنية يستفيد منها 1.25 مليون موظف وأسرهم، بينما تبلغ معاشات المتقاعدين 5.4 مليارات ريال شهرياً يستفيد منها 124 ألف متقاعد، وبالمجمل تبلغ فاتورة رواتب موظفي الدولة ومعاشات المتقاعدين والمساعدات النقدية حوالي 1.055 مليار ريال سنوياً.